تعقيبًا على التوينة الاولي “شرح مُبسط للي بيحصل في الجنية” عن حركة الجنيه الأخيرة، في 11-12-2022 البنوك المصرية اشترت حوالي 850 مليون دولار من سوق الـinterbank خلال الساعات الأولى من التداول (من 10:30 صباحًا لحد 1 ظهرًا).
الإقبال الضخم ده بالتوازي مع خروج البنك المركزي من الصورة هو اللي أدى إلى الارتفاع الكبير في سعر الدولار.
وبعد الساعة 1 الظهر تدخلت بعض المحافظ الخليجية لشراء سندات مصرية بقيمة 7.2 مليار جنيه (حوالي 250 مليون دولار)، وده ساهم في كبح وتيرة ارتفاع الدولار ولو بشكل مؤقت.
إقرأ المزيد: التسويق بالأسرار – أرجوك متقولش لحد
ليه البنوك المحلية محتاجة تشتري كل هذا القدر من الدولار؟
في نهاية 2021 كان صافي الأصول الأجنبية في القطاع المصرفي داخل مصر، (وهو إجمالي الأصول الأجنبية للبنوك المحلية ناقص إجمالي التزاماتها الأجنبية) حوالي +1.7 مليار دولار أمريكي، بالتالي ممتلكات البنوك بشكل عام أكبر من ديونها، وهو وضع مستقر بطبيعة الحال.
في نهاية نوفمبر 2022، صافي الأصول الأجنبية حوالي انخفض لحوالي -22 مليار دولار (الالتزامات الأجنبية أكبر من الأصول الأجنبية بـ22 مليار دولار)، فالقطاع المصرفي محتاج يدبّر 22 مليار دولار عن طريق الآتي:
- الحل الأول هو الاقتراض من أسواق الدين العالمية: وده اللي عمله البنك الأهلي وبنك مصر اللي قدروا يحصلوا على قرضين بقيمة 705 مليون دولار من أسواق الدين العالمية الأسبوع اللي فات.
- الحل الثاني هو تحويل جزء من الأصول المقوّمة بالعملة المصرية إلى دولار لسد العجز. وده اللي حصل امبارح في سوق الـinterbank. القطاع المصرفي قدر يشتري 850 مليون دولار.
امتى نقول إن الأزمة شارفت على الانتهاء ونشوف استقرار جزئي لسعر الدولار؟
أولًا: لما تنتهي أزمة الاستيراد الحالية وتقدر البنوك تدبّر رأس المال الكافي للإفراج عن البضائع المكدسة في الموانيء.
ثانيًا: لما يبدأ صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي يرتفع مرة أخرى. مش لازم يرجع لقيم موجبة (فوق الصفر)، لكن على الأقل لازم يرجع تاني للمستويات اللي كان بيدور حولها خلال السنوات الخمس الماضية (من -3 مليار دولار لـ+3 مليار دولار).
ثالثًا: لما نبدأ نشوف عودة للمحافظ الأجنبية للاستثمار مرة أخرى في أسواق الدين والبورصة المصرية.
ده ممكن يحصل خلال مدة قد ايه؟
ده يتوقف على حركة الاقتصاد العالمي، بالإضافة طبعًا لحركة الحكومة المصرية والبنك المركزي.
في نهاية 2015 حصلت أزمة شبيهة في القطاع المصرفي (على نطاق أصغر طبعًا) وانتهت الأزمة بعد التخفيض الأول للجنيه في نوفمبر 2016.
صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي انخفض تحت الصفر في نوفمبر 2015 وبدأ يرتفع فوق الصفر مرة أخرى ابتداءًا من مايو 2017، يعني أزمة الأصول الأجنبية استغرقت 17 شهر عشان تبدأ تتحل، وطبعًا مش محتاج أقول إن الظروف عمومًا وقتها كانت أفضل كتير لعدة عوامل:
- الاقتصاد العالمي وأسواق الدين عمومًا كانت في وضع أفضل كتير من الوضع الحالي.
- مؤشرات الاقتصاد المصري كانت أفضل من النهاردة وتكاليف الاستيراد كانت أقل.
- ثقة المستثمرين في السوق المصري وإقبالهم عليه كانت أفضل.
- رؤوس الأموال اللي تم ضخها عن طريق صندوق النقد أو من الخليج ساعدت بشكل كبير في إنهاء الأزمة.
فيعني باختصار الأزمة النهاردة أكثر تعقيدًا وأتصور هتاخد وقت أطول عشان تتحل، لكن لو هنعتمد على أزمة 2015-2016 كمرجع، فاحنا نتكلم فمدة تتراوح بين 12 و24 شهر.
ايه مصلحة المحافظ الخليجية فى الشراء حاليا وليه بالتزامن مع قرار التحرير الكامل؟
غالبًا شافوا إن العائد على سندات الحكومة بالتوازي مع السعر الحالي للجنيه ظروف مناسبة للاستثمار.
ليه صافي الأصول الأجنبية انخفض بالشكل ده ف سنة؟
بسبب خروج المستثمرين الأجانب من مصر في بداية 2022، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الاستيراد وانخفاض قيمة الجنية.
مهم: 11 درس من الحياة والتجارة
اخيرا:
الأزمة الحالية بقدر ما هي صعبة وشديدة التعقيد، إلا إنها قابلة للحل.
في تقديري الدولار ممكن يتحرك في مستويات 30-35 جنيه على المدى القصير، لكن السؤال اللي منقدرش نجاوب عليه دلوقتي هو إلى أي مدى ممكن يرتفع الدولار لحد ما كل الخطوات اللي كتبتها فوق تنتهي ونشوف استقرار للسعر عند المستويات الجديدة على مدار الأسابيع والشهور الجاية.
البيانات اللي تخص القطاع المصرفي المصري عمومًا بتصدر إما شهريًا وأحيانًا كل 3 شهور أو 6 شهور، فمش أسهل شيء نعرف التطورات أولًا بأول، لكن مع ذلك إن شاء الله هاحاول كل ما يبقى عندي حاجة مفيدة أقولها في الموضوع ده مش هاتأخر.