في تحدي كبير لكل طرق التسويق، من غير دعاية او إعلان و إشهار او اخبار ومن غير SEO أو رسايل البريد، لكن بس باستخدام اللي حابب اسميه التسويق بالأسرار أو التشويق بالأسرار اشتهرت خمارة في نيويورك، وبقى الحجز فيها مقدم وصعب اللى يروحها من غير معاد يلاقى ترابيزة فاضية يقعد عليها، مش هيسمحوله بالدخول اصلا.
البداية في مطعم فطاير نقانق صغير في نيويورك
في واحدة من شوارع نيوريوك، فى مطعم عليه يافطة صغيرة، عليها صورة ساندويتش نقانق (هوتدوج) مكتوب عليها: كلني أو Eat me.
بتنزل درجات سلم قصير، وبعدين مدخل المطعم في ممر طويل، فيه ترابيزات فى الجوانب صغيرة وإضاءة ضعيفة وزباين كتير بتاكل ساندويتشات باين عليها أنها شهية، مع شوية ماكينات ألعاب الفيديو (آركاد) هنا وهناك.
المطعم اسمه Crif Dogs عشان يدل على أنه بيبيع (Hot Dogs) أو ساندويتشات نقانق، وفيه مينيو طلبات فيه أصناف كتيرة.
إقرأ المزيد: أسباب فشل معظم مشاريع الكافيهات
التسويق بالأسرار – مطعم كريف دوجز
اللى يروح للمطعم ويقعد، هيلاحظ حاجة غريبة، في جنب المطعم فيه كابينة / كشك تليفون – Phone booth باللون البني.
الكابينة دى بيحصل فيها العجب العجاب: فى حد بيقف جواها، يرفع سماعة التليفون، يتكلم شوية صغيرين وبعدين…
(وهنا هندخل بالفاصل الإعلاني) كشك الأسرار – اللى بيدخله بيروح فين واللى خارج منه بيجى منين؟
بعدها بيفتح باب من الجهة التانية، فى عامل من جوه بيرحب بالزاير الواقف في كشك التليفون، واللى بيدخل بعدها لخمارة / بار / Bar سري جدا.
والأعجب منها، فجأة تلاقى اللى بيخرج من الباب ده ويمشي لحال سبيله…
مهم: 11 درس من الحياة والتجارة
بداية القصة
خلينا نرجع لسنة 1999 لما قرر الأمريكي برايان شيباريو Brian Shebairo وصديق طفولته كريس انتيستا Chris Antista يدخلوا معركة تملك وإدارة مطاعم فطاير النقانق في نيويورك.
أهم درس في مادة التجارة هي: إياك تكرر اللى قبلك – لو مش هتتميز فيه مش هتروح بعيد.
بالقاعدة الذهبية دى برايان وكريس قرروا يزورا كل مطعم ساندويتشات نقانق ساخنة في المدينة، ويذوقوا أفضل حاجة في مينيو كل مطعم، لحد ما يوصلوا لأفضل طريقة وأفضل مذاق للنقانق الساخنة.
الموضوع اخد سنتين من التذوق والزيارات لحد ما فتحوا مطعمهم.
من باب الفكاهة، اختاروا لمطعهم اسم كريف أو Crif وهو الصوت اللى خرج من فم برايان وهو بينادى على صديقه كريس وفمه مليان بقطع من شطيرة شهية.
في 6 أكتوبر 2001 جه افتتاح المطعم، ونتيجة مجهود الصديقين، نجحوا نجاح مش بطال.
البحث عن تحدي جديد
مع مرور الوقت والسنوات، بدأ برايان يدور علي تحدي جديد. المرة دى كان حابب يقدم مشروبات مش حلال.
لما القهوة اللى جنب مطعمهم فلست، بسرعة برايان دور على شروط افتتاح خمارة فيه. بعد 3 سنين من المحاولات، خد موافقة البلدية لافتتاحه.
مرة تانية، كانت المدينة فيها أماكن زيها كتير بتقدم حاجات أفضل من اللى يقدر برايان يقدمه… في الوقت ده، كان فى حوالى 60 خمارة على بعد خطوات من مطعمه.
التسويق بالأسرار – إما يجيلك أو تروحله أنت
فى يوم قابل برايان صديق قديم ليه، شغال في مجال التحف والأنتيكات، واللى قاله إنه لقى كشك تليفون قديم من سنة 1930 وأنه شايف مكانه كويس لمطعم كريف، هنا لمعت الفكرة …
في طفولته، كان برايان عنده عم نجار، وبسبب براعته في النجارة وتطويع الأخشاب، بنى غرفة سرية في قبو بيته، مستخبية ورا ألواح خشب، وكان الطريق لدخولها هو الضغط في المكان الصحيح على الخشبة الصحيحة.
هنا قرر برايان أن يكون الباب السري لدخول خمارته هو كشك التليفون في المطعم!
وللزيادة من الفكاهة، اختار برايان اسم أرجوك لا تخبر أحدا أو Please Don’t Tell للخمارة الجديدة.
مش هتلاقى أي إعلان أو ذكر للخمارة دى في أي مجلة أو جريدة أو منشور ورقي أو دعائي، مش هتلاقيلها يافطة في الشارع أو مدخل المطعم أو ذكر في أي دليل خمارات!
المدخل والمخرج الوحيد هو كشك التليفون.
التسويق بالأسرار يعني التسويق من غير تقليد
أي حاجة اتعلمتها في عالم التسويق، مش هتلاقيها مطبقة في الحالة دى، من ساعة افتتاح حانة لا تخبر أحدا (أو PDT اختصارا) في سنة 2007 وهي أكتر حانة مزحومة في المدينة، وحديث الباحثين عن الجديد والفريد والغريب والعجيب، حتى أن مدونة شبايك ذكرتها مع قصصها الشيقة عن التسويق!
الحانة بتفتح أبوابها الساعة 3 العصر، ولازم تحجز ترابيزة بسرعة، لأن على الساعة 4 كل الأماكن بتكون اتحجزت.
الناس بتدخل المطعم، ويقفوا فى غرفة التليفون، يعملوا اتصال، وبعدين يختفوا جوه، دى تنفع مقدمة لفيلم حركة وجاسوسية مثير.
التسويق بالأسرار قائم على حقيقة أن الأسرار مبتفضلش كده لفترة طويلة
ايه أكتر جاذبية في نظرك، مطعم المندي على الشارع العمومي اللى يعرفه وجربه الكل، أو مطعم سري مبيعلنش عن نشاطه ومدخله سري سحري تدخله من باب مطعم متواضع … مطعم شغال وليه زباينه وشهرته!
طبعا الكلام عن النوعية دى من التسويق يخلينا لازم نتكلم عن التسويق بالمديح.
المؤلف Jonah Berger شايف أن سبب نجاح الحالة دى من التسويق بالأسرار هو تفردها – مش هتلاقى قبلها أي حانة / مطعم / جهة بتعمل الموضوع نفسه.
بعد شهرة الحانة دى بسنوات، بقي فى اكتر من 50 حانة بتكرر الموضوع نفسه مع شوية تغييرات، زى حانة تدخل ليها من محل غسالات عمومية وغيرها.
ولكن السبب الأهم، هو رغبة الناس في إذاعة أسرار ونقل أخبار مختلفة، أخبار بتتذاع لأول مرة، وده بيزيد من رونقهم وتفردهم هما نفسهم لما ينقلوا ويذيعوا الأسرار دى.
لما توفر حاجة تستحق أن الناس تنقل اخبارها وهما حاسيين بالسعادة والفخر، ساعتها هتكون أتقنت التسويق بالأسرار –وبكرر على أن التقليد سبب أكيد لفشل أي تسويق.
لو قررت بعد ما تقرا السطور دى أنك تشتري كشك أحمر أو أخضر وتخليه باب لشركتك وبعدين توقف كل أنشطة التسويق وبعدين تجيلى وتقول جربت الموضوع ومنفعش معايا فأنت يا عزيزي مفهمتش قصدى والمغزى من القصة.
اعمل حاجة معملهاش حد قبلك، حاجة تستحق أن الناس تحكى عنها باستمتاع وتفاخر، ويتصوروا معاها ويشاركوها بفخر مع متابعينهم –هو ده سر التسويق بالأسرار.
على الجانب:
- فى واحد من المطاعم الأمريكية قلدت الموضوع بأنها وفرت قسم سري في المينيو اللي بتقدمه، لكن لازم تطلبها الاول!
- في اول سنة 2018 افتتح PDT حانة جديدة في فندق مشهور في هونج كونج، وبدعى ربنا انه ميفتحش فرع في بلاد الإسلام.
- في النهاية بكرر على ثوابت: الخمور حرام. البار / الحانة هو اسم أنيق لمكان بغيض، والترجمة الأدق خمارة وهو اللى استخدمته هنا. أنا مش عايز من القصة دى تجميل الحرام أو التشجيع عليه.